أسعار الذهب تقترب من 2000 دولار للأونصة، فما أسباب ارتفاعه؟

أسعار الذهب تقترب من 2000 دولار للأونصة، فما أسباب ارتفاعه؟
أسعار الذهب تقترب من 2000 دولار للأونصة

منذ بداية 2023 حققت أسعار الذهب انتعاشًا مثيرًا للإعجاب حيث ارتفع سعره لأعلى مستوى له في تسعة أشهر عند 1949 دولار للأونصة، وسط توقعات بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبطئ وتيرة رفع أسعار الفائدة، كما ستدعم الأسعار هذا العام مخاطر الركود المتزايدة ومعدلات شراء البنوك المركزية.

يمر الاقتصاد العالمي حاليًا بنقطة انعطاف حرجة، في عام 2023 ستكون المنافسة بين اتجاهات التضخم وتدخلات البنوك المركزية أساسية لتحديد التوقعات الاقتصادية وأداء الذهب لهذا العام.

أسعار الذهب تقترب من 2000 دولار للأونصة

خلال معظم عام 2022 تعرض المعدن الثمين لضغوط من ارتفاع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، بحلول نهاية العام انعكس الاتجاه الهبوطي، حيث ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 11% في الربع الأخير من العام، مدعومًا بإعادة فتح الصين المشتري الرئيسي للذهب وضعف الدولار الأمريكي واحتمالات تباطؤ وتيرة رفع سعر الفائدة الأمريكية، فهل سيعيد عام 2023 إحياء الزخم الصعودي للمعدن الأصفر؟ وما هي التوقعات على المدى الطويل؟

الذهب واجه صعوبات في 2022 واستعاد زخمه مع بداية 2023

افتتحت أسعار الذهب عام 2022 عند 1811.40 دولار للأوقية في 4 يناير، واستمر المعدن النفيس في الصعود، حتى وصل إلى 1936.30 دولار في 24 فبراير عندما هاجمت روسيا أوكرانيا، ولكنه انخفض لفترة وجيزة إلى 1884.80 دولار في 25 فبراير، ولكن السعر ارتد بسرعة واستأنف تقدمه.

تم تداول الذهب فوق 2050 دولار للأونصة في الأسبوع الأول من مارس 2022 بالقرب من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2075 دولار في أغسطس 2020، ومع ذلك، فقد المعدن الأصفر مكاسبه في منتصف مارس، وانخفض إلى ما دون 2000 دولار، ثم بدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية لمحاربة ارتفاع التضخم.

وقع الذهب حينها بين التضخم الجامح وتشديد السياسة النقدية خلال الربع الثاني من عام 2022 مما تسبب في انخفاض السعر إلى 1817 دولار بنهاية يونيو، واستمر ضعف المعدن الأصفر في الربع الثالث حيث أصبح من الواضح أن كانت البنوك المركزية تنفذ زيادات كبيرة في أسعار الفائدة لترويض التضخم المرتفع بعناد.

حاول المعدن الثمين تجاوز مستوى 1800 دولار في الربع الثالث، لكنه فشل في ذلك، على الرغم من تدهور التوقعات الاقتصادية العالمية وسط تضخم جامح، دفع الدولار الأمريكي القوي الناتج عن رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة بوتيرة كبيرة وسريعة المستثمرين إلى التخلي عن الذهب غير المربح لصالح العملة الأمريكية، وانخفض الذهب بنحو 8% خلال الربع الثالث من العام الماضي.

ومع ذلك، بحلول نهاية العام استعاد الذهب زخمه، واكتسب حوالي 11% خلال الربع الرابع، ومع بداية عام 2023 واصل زخمه الصعودي ليتجاوز المعدن الأصفر مستوى الدعم النفسي 1900 دولار في 13 يناير، وسجل أعلى مستوياته في تسعة أشهر عند 1949 دولار. 

لماذا ارتفع الذهب؟

في عام 2023 تلقى الذهب الدعم من التشاؤم الاقتصادي الأوسع نطاقًا والمخاوف من الركود المقبل، يميل المستثمرون إلى تخزين المعدن الأصفر في أوقات عدم اليقين على أمل أن يحافظ على قيمته.

ومع ذلك، فإن المستثمرين ليسوا الوحيدين الذين يرون الاستثمار في الذهب وسيلة للتحوط من الانكماش الاقتصادي والتضخم، أظهرت بيانات من مجلس الذهب العالمي في نوفمبر 2022 أن طلب البنوك المركزية على المعدن النفيس ارتفع إلى أحجام قياسية بنهاية العام، وكانت تركيا وأوزبكستان وقطر من بين أكبر المشترين، وقد عزز ذلك الشهية المتجددة للذهب في نهاية العام الماضي.

ومن جهة أخرى، أدى إعادة فتح الاقتصاد الصيني (وهو أحد أكبر مشتري الذهب) إلى تحسين توقعات الطلب على المعدن النفيس في عام 2023، وقد زاد البنك المركزي الصيني بالفعل من مشترياته من الذهب بمقدار 32 طنًا في أول زيادة للاحتياطيات من الذهب منذ سبتمبر 2019.

بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف الدولار الأمريكي والتباطؤ الملحوظ في رفع أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي يدعم الذهب المقوم بالدولار الأمريكي، رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر بأقل من الزيادات السابقة البالغة 75 نقطة أساس.

علق أحد خبراء السوق البارزين على الاتجاه الصعودي الأخير للذهب: “منذ بداية العام كان الذهب هو المستفيد من بيئة أكثر ليونة بالدولار الأمريكي وعائدات أقل مع احتمالات تباطؤ رفع أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب زيادة طلب البنك المركزي، وعلى الأخص من بنك الشعب الصيني (PBoC)، أضف هذا إلى حقيقة أن العوامل الموسمية تدعم المعدن الثمين، فمن المفهوم سبب كون الذهب حاليًا في أطول سلسلة مكاسب أسبوعية منذ أغسطس”.

إذن ماذا سيحدث لسعر الذهب في عام 2023؟

يتوقع الاقتصاديون أنه مع تباطؤ الاحتياطي الفيدرالي والتوقف في النهاية عن رفع أسعار الفائدة، أن يخترق سعر الذهب حاجز 2000 دولار / للأوقية هذا العام (أو حتى 2100 دولار) ويصل إلى مستوى قياسي، على الرغم من أنه سيكون هناك بعض الصدمات خلال هذه العملية.

فمع انحسار الضغط التضخمي في الولايات المتحدة، وتوقع السوق أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بإبطاء سياسته النقدية العدوانية، ارتفع السعر الفوري الحالي للذهب متجاوزًا 1900 دولار للأونصة، بالإضافة إلى ذلك، تُظهر البيانات أيضًا أنه منذ بداية نوفمبر من العام الماضي حتى 23 يناير ارتفعت أسعار الذهب العالمية بنحو 18%.

بالنظر إلى اتجاه أسعار الذهب في عام 2022 سنجد:

  1. ارتفع سعر الذهب إلى 2069.89 دولار في مارس من العام الماضي أي أقل بقليل من أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2020.
  2. مع قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة عدة مرات بقوة، ارتفع الدولار الأمريكي بشكل حاد؛ مما تسبب في تضرر سعر الذهب بشدة الذي انخفض إلى 1613.60 دولار في سبتمبر.

قال محللو بنك أوف أمريكا إن تراجع الدولار الأمريكي وتباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة سيساعد الذهب، ومن المتوقع أن تدفع هذه “الرياح الخلفية” أسعار المعدن إلى ما فوق 2000 دولار للأوقية في الأشهر القليلة المقبلة، حيث قد يلجأ المستثمرون إلى شراء الذهب كوسيلة للتحوط من التضخم والاضطراب الاقتصادي، وفي الوقت نفسه، قد يستمر طلب السوق على أنواع أخرى من الذهب خلال 2023 مما سيساهم أيضًا في الحفاظ على اتجاه النمو.

على سبيل المثال: وفقًا لمجلس الذهب العالمي (WGC) في التسعة أشهر الأولى من عام 2022 اشترت البنوك المركزية العالمية ذهبًا بأكثر من أي عام كامل في قرابة النصف القرن الماضي، لهذا من المتوقع أن تواصل البنوك المركزية اكتناز الذهب خلال هذا العام، بالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن يظل الطلب على سبائك الذهب والعملات المعدنية قويًا مدفوعًا بالانتعاش الاقتصادي في الصين التي تعتبر أكبر مستهلك للذهب في العالم.

قال محللون إن النصف الأول من عام 2023 لا يزال يمثل بيئة مليئة بالتحديات بالنسبة للمعادن الثمينة حيث يواصل البنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، لهذا تتوقع معظم البنوك ارتفاع أسعار الذهب بشكل ملحوظ في النصف الثاني من عام 2023.

ستكون هناك أيضًا ضغوط متعددة تدفع أسعار الذهب للارتفاع في عام 2023، إما من انخفاض أسعار الفائدة التي تقلل التضخم وخفض تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، كما يؤجج عجز الحكومة الأمريكية التضخم المستمر، بينما تستمر الفوضى الجيوسياسية العالمية، لهذا من المتوقع ارتفاع أسعار الذهب فوق 2200  دولار للأوقية بنهاية العام.

اقرأ أيضًا:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *